الأحد، 23 ديسمبر 2012

6 عودة علي بدء


                                                                      عودة علي بدء

                مرضت والدتي وفي احدي الايام رأيت خالي قد جاء لزيارتها  ولا يحمل معه الكسوة التي كانت ترافقه عند زيارتنا في كل مرة مرسلة من طرف شقيقي وكانت زيارة خالي لشقيقته  من امه [لان والدتي شقيقة خالي من امه] لا تزيد عن يومين او ثلاثة ايام لان خالي كان وحيدا له اولاد صغار جلهم بنات فكان عندما يقرر الغياب يوصي احد أصدقاءه برعاية بيته وبعض الشويهات الي حين عودته بلغت السنة الثامنة من عمرى شعرت والدتي بان رحيلها من عالم الدنيا جاء وقته
فطلبت من أخيها ان يأخذني معه للعيش بين أشقائي وعمى
كان خالى  قد رافق أخته عدة مرات الي الطبيب للفحص  ويتركوني  وأخي مسعود مع نسوة الجيران وعندما قرر خالي العودة الي بيته ببلدية تاملوكة التفت نحوي قائلا هيئ نفسك لمرافقتي لتعود للعيش مع إخوتك وعمك
ود عتني والدتي بعينيها وهي في الفراش قائلة رافقتك السلامة يا ابراهيم اهتم بنفسك وهي تبكي بكيت أنا كذالك لكن خالي جذبني من يدي قائلا هي يا ابراهيم اسرع قد ينطلق القطار ويفوتنا[القطار الذاهب من مدينة الكويف الي مدينة تبسة] ركبن القطار واذا به يرتطم بشيء ما فارتطم راسي بخلفية المقعد الخشبي الذي اجلس عليه تألمت من الصدمة كثيرا لكن سرعان ما نسيت الصدمة والقطار يسير ومنظر أعمدة الهاتف والأشجار تمر امام عيني وصلن مدينة تبسة ومنها ركبن حافلة  متجهة لمدينة عين البيضاء ومنها امتطين سيارة باتجاه مدينة قصر صبيحي ثم أتهجن الي بلدية تاملوكة سيرا علي الاقدام
كانت المسافة التي تفصل بين المدينتين عشرون كيلو مترا اغلبها جبال ومنعرجات كنت  لااستطيع السير فكان خالي رحمه الله يحملني علي ظهره احيانا و يتركني أسير خلفه أحيان اخري يتقدمني مسافة ثم يناديني الحق بي يا ابراهيم ولما قطعن السلسلة الجبلية التي تتميز بالمنحدرات والمرتفعات ونزلن الي السهول التابعة لبلدية تاملوكة
التحق بنا ركب من الفرسان متجهين لبلدية تاملوكة  لحضور حفل زفاف
فطلب خالي من احدهم ان يحملني معه علي فرصه حملني ذاك الفارس ثم التفت لخالي قائلا له لمن هذا الصبي يا سي بلقاسم قال له خالي  الصبي هو شقيق الشيخ عيسي زهيوة فرح ذاك الفارس وقال ان شقيقه اشهر من نار علي علم  وصلن بلدية تاملوكة  وكان العياء بلغ مني الكثير استقبلني شقيقي بفرح غامر ورفعني في ذراعه وهو يضحك ويحي  من يعرفهم قائلا انه شقيقي الاصغر كان يعيش مع والدته في منطقة الحدود بين الجزائر وتونس
ذهب بي الي الترزي ليخيط لي بدلة أخذ ذالك الترزي مقاسات جسمي ثم عاد بي الي محل التجارة  ووجدت ابنه الاكبر من الذكور السيد محمد العيد اطال الله حياته كان اقل منى سنا  خرج شقيقي  لشان ما وتركني وابنه بالمحل كنت مندهشا لم أر الواجهات الزجاجية والأواني البلورية المليئة بالحلوى...... وووالخ لكن ابن اخي كان متعودا بمثل هذه الاشياء فقال لي أتريد ان تأكل الحلوى فأومات برأسي بالموافقة فمد يده لذراع خشبية طويلة[ كان يستخدمها اخي للاستعانة بها لجلب الاشياء من الرفوف العليا] وصوبها لآنية من الزجاج كبيرة الحجم مليئة بالحلوى فهوت فوق القاعة و انكسرت وتبعثرت الحلوى فى كل اتجاه  تملكني الخوف لكن ابن اخي كان يضحك ولا يبالى دخل علينا  شقيقي ولم يضربنا  بل مجرد قليل من التوبيخ ثم لملم شظايا الزجاج المبعثرة هنا وهناك ووضع قطع الحلوى فى آنية  اخرى من الزجاج
كانت قرية تاملوكة يقام بها سوق أسبوعي في يوم الجمعة ولا زالت الي اليوم  في هذا اليوم كان سكان الأرياف يتوافدون الي القرية لقضاء حاجياتهم من السوق الاسبوعي جاء عمي كعادته لحضور السوق الاسبوعي وكان قد علم بقدومي من الحدود الشرقية للوطن
فلما دخل محل ابن أخيه للتجارة كنت لا اعرفه سلم عليه شقيقي باحترام  وقال لي سلم على ابيك وناديه بابي من الان فصاعدا
سلمت عليه وضعنى في حجره وقال لي سترافقنى للعيش معي في البادىة. عدت للبيت الذي رايت فيه اول مرة النور بعد خروجي من بطن  امي وهكذا تشابهت سنوات عمري الاولي بسنوات عمر والدتى اخر ايام عمرها  فهي جاءت عروس من منطقة صباها الي بيت أبى  وعادت عروس الي مرابع صباها حيث ماتت وانا غادرت مرابع  نشأتي الاولى يتيم الاب وربيبا لزوج امي وعدت يتيم الابوين للمكان الذى رأيت فيه النور اول مرة  وقت خروجى للحياة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق